أصبحت القنوات الأن
تتبارى في بث المباريات وإقامة البرامج الرياضية .. ولا تكاد تنتهي مباراة إلا
ويعقبها استوديو تحليلي يستضيف فيه المذيع المشهور بعض النجوم الرياضيين لتحليل
المباراة ومتابعة كل صغيرة وكبيرة فيها وقد تختلف الأراء ويُثار النقاش لساعات حول
لعبة معينة وهل اللاعب كان فعلاً متسلل أم أن الحكم أخطأ في إحتساب ( الأوفسايد )
وتعاد الكرة من هنا ومن هنالك .. وتختلف وجهات النظر وتعلوا الأصوات .. وهل وُفق
المدرب في التغييرات أم أنه أخطأ التقدير .. وكان لابد أن ينزل اللاعب الفلاني
مكان اللاعب العلاني لأنه سيكون مؤثر بشكل أكبر .. هل ضربة الجزاء هذه فعلا صحيحة
.. وهل وفق الحكم في إعطاء الإنذار والكارت الأحمر
قد تستمر المباراة لمدة
90 دقيقة .. وقد يكون هناك أشواط إضافية .. قد يضطر الفريقان إلى اللجؤ لركلات
الترجيح .. ويستمر الأستوديو التحليلي لساعتين بعد إنتهاء المباراة وهو في الأصل
بدأ قبل ساعة من بدء المباراة .. فيكون المجموع أكثر من 5 ساعات في متابعة مباراة
واحدة .. يقف عندها المحللون على أدق أدق التفاصيل .. ويتابع المشاهد الكريم بلا
ملل ولا كلل .. وقد يتنقل بين أكثر من قناة ليستمع إلى كل الأراء والتحاليل .. وقد
يُصاب بالضيق إذا قطع الأذان المباراة ( أصبح الأن يُكتفى بالإشارة إلى دخول وقت
الصلاة بدلا من الأذان .. وفي بعض الأحيان لا آذان ولا إشارة ) قائلاً هو ده وقته
!! ـ
على جانب آخر
نفس الشخص الذي كان
يشاهد المباراة مستمتعا لمدة 5 ساعات .. باحثاً عن أدق التفاصيل في الأستوديو
التحليلي .. لكنه ينسى أدق وأهم تفاصيل حياته .. يفعل أي شئ يراه صغيرا وهو عند
الله كبير .. قد لا يكون يصلي .. يأتيه شخص آخر ينصحه .. يأمره بمعروف أو ينهاه عن
المنكر .. يذكره بفضل الصلاة وعقوبة تاركها .. فهل سيكون تفاعله مع كلمات الشخص
الناصح الذي يريد له نجاة الدنيا والآخرة نفس تفاعله مع المباراة عندما استشعر أن
الحكم أخطأ في احتساب ضربة الجزاء على فريقه المفضل .. ربما أجاب الشخص الذي ينصحه
قائلاً : ( يأخي ما تبقاش حنبلي ) الإيمان في القلب لا بالصلاة ولا بالصوم .. وهكذا
في كثير من المواقف
فتاة تخرج متبرجة تلبس
الجينز والبودي .. وتضع أطنان من المساحيق على وجهها .. تنصحها أخت محبة لها .. فهل
سيكون تفاعلها مع الكلمات الرقيقة الناصحة نفس تفاعلها مع بعض الأمور الصغيرة
والتفاصيل الدقيقة في حياتها .. قد تجيب هذه الأخت الناصحة لها بأنها يجب أن لا
تكون متشددة وان الدين يسر وليس عسر
بقى شئ أخير ..
كلمة ما تبقاش حنبلي .. التي يقولها البعض ويقصد بها أن يقول للذي ينصحه : لا تكن
متشددا .. هل سمعت هذه الكلمة قبل ذلك .. ربما قيلت لك .. أو ربما أنت تقولها من
غير قصد .. وربما لم تتفكر في معناها يوما .. " حنبلي " نسبة إلى مذهب الإمام
أحمد بن حنبل .. إمام أهل السنة في عصره والذي تحمل العذاب وصمد في فتنة خلق القرآن
.. ولولا ثباته في هذه الفتنة لضاعت الأمة .. ولا أدري من الذي أطلق هذه الكلمة
السيئة وربط بين مذهب الإمام أحمد بن حنبل وبين التشدد وهو من أيسر المذاهب .. رحم
الله الإمام أحمد
No comments:
Post a Comment